6‏/5‏/2009

اسبقية العرب واهتمامهم بعلم الجيولوجيا

الجيولوجيا
تعريف علم الجيولوجيا
علم الجيولوجيا: هو العلم الذي يهتم بمعارف الأرض مثل تاريخها و نشأتها و شكلها ومكوناتها، والعوامل التي أثرت و تؤثر عليه، وكذلك العمليات الجيولوجية التي تعمل داخلها و على سطحها وخاصة التي تسبب مخاطر للبيئة و الإنسان.
والجيولوجيا كما هو معروف: هي علم طبقات الأرض، وهذه إطلالة عامة على ماهية الأرض:
الأرض كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس وتتبعها في سيرها أينما سارت، وهي الكوكب الخامس من حيث الحجم، والثالث من حيث القرب من بين الكواكب التسعة التي تتكون منها المجموعة الشمسية.
و الأرض تكاد تكون كرة، إلا أنها منبعجة قليلاً عند الاستواء ومفلطحة عند القطبين.و يقدر طول قطر الأرض المار بالقطبين 7900 ميل، وقطرها الاستوائي 9727 ميل، ومحيط الأرض عند القطبين 24220 ميل، ومحيطها حول خط الاستواء 24900 ميل.
و مساحة سطحها 200 مليون من الأميال المربعة، وتشغل اليابسة منها نحواً من 50 مليون ميل مربع، والماء حوالي 150 مليون ميل مربع.
و هي تدور بنا حول نفسها مرة كل أربع وعشرين ساعة، فمن كان في المناطق الحارة فهو يتحرك بسرعة معدلها ألف ميل في الساعة أو 16 ميلا في الدقيقة. وتدور حول الشمس في فلك يبلغ محيطه 580 مليون ميل، فمعدل سرعتها في هذه الحركة يبلغ 60 ألف ميل في الساعة، أو بنحو ألف ميل في الدقيقة، والنظام الشمسي كله بما فيه الأرض ينهب الفضاء نهبا بسرعة لا تقل عن 20 ألف ميل في الساعة، أي أكثر من 300 ميل في الدقيقة.
أما عمر الأرض فقد بدأ الإنسان تكهناته عنه من آماد بعيدة ففي القرن السابع عشر قال الأسقف جمس أوثر: إن العالم بدأ يوم 26 أكتوبر سنة 4004 قبل الميلاد. وجاء في أحد الكتب الهندية المقدسة أن عمر العالم هو 1.972.949.056 سنة، وفي العصر الحديث بدأت الجهود التي يبذلها الفلكيون في المرصد تلتقي عند أدق رقم يمكن أن يعتبر أصح تقدير لعمر الكرة الأرضية.فقد دلت آخر التقديرات القائمة على دراسات فلكية وأبحاث علمية في مراصد ليك ومونت ويلسون وبالومار، على أن عمر الكرة الأرضية حوالي 54.000.000.000 سنة، ونسبة الخطأ في تقدير هذا الرقم تقترب من 20 %. " موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة "
وضع العالم قبل النهضة الإسلامية في الجيولوجيا
نشأة علم الجيولوجيا:
يعتبر فلاسفة الإغريق أقدم المهتمين بدراسة المظاهر الجيولوجية فقد اعتبر طاليس ( 606 - 546 ق.م ) الأرض قرصاً مسطحاً تحيط به المياه واعتقد أن الماء مصدر جميع المواد في الأرض مع ملاحظته لترسبات الأنهار في مصباتها كما أعتقد أن حركة المياه هي التي تؤدي إلى الهزات الارضية... أما أناكسيمندر ( 610 - 547 ق.م ) فقد تصور الأرض كأسطوانة، وآمن بتطور الحيوانات والإنسان من الأسماك، ويعتقد بأنه كان أول من صنع خارطة للعالم المعروف في حينه، كما اعتقد بأن جميع المواد منشؤها الهواء، أما هيراقليطس ( 576 - 250 ق.م ) فقد اعتبر النار أصل كل الأشياء. بينما استنتج زينوفانيس ( 560 - 478 ق.م ) من حقيقة كون الأحافير ذات أصل بحري بأن البحار واليابسة كانتا مندمجتين في فترة من الفترات. وكروية الأرض اعتقد بها كلٌّ من أفلاطون باعتبار أن الشكل الكروي هو الشكل الأمثل وفيثاغورس.... هيكاتايوس: قال بأن الارض كروية ومحاطة بالماء من كافة جهاته. هيرودوت: اعتقد أن طول الأرض من الشرق إلى الغرب أكثر من طولها من الشمال إلى الجنوب، وأن الأرض تشبه صدفة تسبح في مياه محيط كبير، وأن السماء تغطي هذه الصدفة. و بعد ذلك أخذت أفكار العلماء عن الأرض والكون تتطور وتنمو حتى قال العالم المشهور أرسطو ( 384 - 322 ق.م ):إن كروية الأرض ناتجة عن الجاذبية الأرضية، وإن الأرض مركز الكون.أما الفيلسوف ديموقريطس ( 462 - 357 ق.م ) فقد اعتقد بأن الأرض والأجرام السماوية هي كرات تكونت من تجمع الذرات. إن بعض الفلاسفة الإغريق أدرك حقيقة كون سطح الأرض في تغير مستمر، وبأنها قد تعرضت لارتفاعات وانخفاضات. وفي عهد الامبروطورية الرومانية ( 27 ق.م - 935 م ) لم يكن هناك أي اهتمام بالعلوم الطبيعية، وقد اعتبرها أكثر الرومان من أهواء الفكر الإغريقي. وممن يجدر ذكره العالم بليني عالم الطبيعيات الروماني في القرن الأول بعد الميلاد الذي خصص خمسة من كتبه الثلاثة والسبعين لدراسة المعادن، ثم كانت العصور المظلمة ( 500 - 1100 م)، وفي هذه الفترة اختفت مؤلفات الفلاسفة الإغريق في ظلمات هذا العصر في أوروب، وأشرقت المعرفة من بلاد المسلمين حيث مراكز الحضارة الإسلامية العظيمة والرخاء والعلوم.
اهتمام الإسلام بعلم الجيولوجيا
جاء في القرآن إشارات إلى علم طبقات الأرض " الجيولوجيا " وذلك في بعض الآيات مثل قول الله تعالى: " ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود " فاطر الآية: 27، وقوله عز وجل: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس " الحديد الآية 25، وقوله تعالى: " أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " النور الآية 40، وغير ذلك من الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن هذا النوع من العلم.
القرآن والإعجاز العلمي في الإخبار عن عنصر الحديد:
الحديد... وافد غريب إلى الأرض:
قال الله تعالى:"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز".. الحديد:25وفي تفسير هذه الآية الكريمة يرى العلماء والمفسرون أن معدن الحديد أُنزِل من السماء، وأنه لم يكن موجوداً على كوكب الأرض،أي أن الحديد دخيل على تكوينات الكرة الأرضية وليس من مكوناته، كما أفاض علماء التفسير في الكلام عن بأس الحديد ومنافعه. فكان الإعجاز في آيات الله الحكيمات التي جبت كل الأبحاث والدراسات. فالعلوم البشرية لم تتوصل إلى حقيقة وجود معدن الحديد في الأرض إلا في أوائل الستينات؛ حيث وجد علماء الفضاء أن أصل معدن الحديد ليس من مكونات الأرض، بل أتى من الفضاء الخارجي وأن الحديد من مخلفات الشهب والنيازك إذ يحول الغلاف الجوي بعضاً منها إلى رماد عندما تدخل نطاق الأرض، ويسقط البعض الآخر على أشكال وأحجام مختلفة. كما كشف مؤخراً علماء الفضاء أن عنصر الحديد لا يمكن أن يتكون داخل المجموعة الشمسية، فالشمس نجم ذو حرارة وطاقة غير كافية لدمج عنصر الحديد وهذا ما دفع العلماء إلى التسليم بأن الحديد تم دمجه خارج مجموعتنا الشمسية، ثم نزل إلى الأرض عن طريق النيازك والشهب ويعتقد علماء الفلك حالياً أن النيازك والشهب ما هي إلا مقذوفات فلكية من ذرات مختلفة الأحجام، وتتألف من معدن الحديد وغيره، ولذلك كان معدن الحديد من أول المعادن التي عرفتها الإنسانية؛ لأنه يتساقط من السماء بصورة نقية. ومن هنا يتبين لنا دقة الوصف في القرآن "وأنزلنا الحديد" وفي هذا سبق للقرآن على الاجتهادات والأبحاث التي قام بها العلماء من كل بقاع الأرض المختلفة، وكان دليل إعجاز القرآن العلمي في أنه أشار إلى حقيقة الحديد في كونه ليس من مكونات الأرض، ولكن أُنزِلَ من السماء بأمر الله عز وجل فسبحان الله الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم.
وفي قوله تعالى:"بأس شديد ومنافع للناس" ما البأس الشديد؟ البأس الشديد هو القوة والصلابة وشدة التحمل، وبالفعل وجد علماء الكيمياء أن معدن الحديد هو أكثر المعادن صلابة وشدة، ولم يأت البحث العلمي بمعدن له خواص الحديد في قوته ومرونته وشدة تحمله للضغط، وهو- أيضاً- أكثر المعادن كثافةً حيث تصل كثافته إلى7874 كم3 وللحديد فائدة في حفظ توازن الأرض فمعدن الحديد يشكل35% من مكونات الأرض، والحديد أيضاً أكثر العناصر مغناطيسية؛ وذلك يساعد الأرض على حفظ جاذبيتها. وقد أوضح لنا القرآن كل ذلك جلياً قبل توصل العلماء إليه بحوالي1200 عام فالبشرية لم تعرف عن الحديد، ولم تدرك أهميته الصناعية إلا في القرن الثامن عشر أي بعد نزول القرآن باثنى عشر قرن، واستُخدِم الحديدُ كأنسب معدن لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة. والحديد لا يدخل فقط في تكوين الكرة الأرضية بل هو عنصر أساسي في كثير من الكائنات الحية؛ فالنبات مثلاً يحصل على الحديد من التربة كعنصر أساسي في بنائه، وأيضاً يعتبر الحديد هو العنصر الأساسي في تكوين خلايا الدم في الإنسان والحيوان المعروفة بالهيموجلوبين.الإعجاز العددي للحديد:قد ثبت أن هناك إعجازًا آخر من الناحية الرقمية حيث إن هناك توافقا عدديًا عجيبًا توصل إليه أحد أساتذة الكيمياء في أستراليا وهو توافق بين رقم آية الحديد في سورة الحديد إذا ما حسبنا البسملة آية فتصبح هي رقم(26) والعدد الذري لمعدن الحديد وهو أيضاً(26).وسبحان الله... أوجه الإعجاز:إن في الآية الكريمة لفظ (أنزلنا الحديد) الذي يفيد هبوط الحديد من السماء، وهذا أقرته الأبحاث العلمية واجتهادات العلماء في النصف الثاني من القرن العشرين الذين رأوا في تكوين الحديد ما حيرهم حيث إن الإلكترونات والنيترونات في ذرة الحديد لكي تتحد تحتاج إلى طاقة هائلة تبلغ أربع مرات مجموع الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية؛ ولذلك لا يمكن أن يكون الحديد قد تكوَّن على الأرض. ولابد أنه عنصر غريب وافد إلى الأرض ولم يتكوَّن فيه. والله تبارك وتعالى علمنا لنعلم أنه الحق؛ فسبحانك لا علم لنا إلا ما علمتن. يقول الحق تعالى:"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ".. فصلت 53.. صدق الله العظيم المراجع: الشيخ عبد المجيد الزنداني د. زغلول النجار. (رسائل د.ستروخ..وكالة ناسا للفضاء )
"موج من فوقه موج من فوقه سحاب" ( النور الآية 40 )
يقول علماء جيولوجيا البحار: إنّ من يغوص في أعماق البحار يلاحظ أن الظلام يشتد بالتدريج، إلى أن يصل إلى ظلمة كاملة في الأعماق، ويعود السبب إلى أن ألوان الطّيف سبعة، منها الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقاليّ الخ... وعندما نغوص في أعماق البحار تختفي هذه الألوان تدريجيّاً، واختفاء كلِّ لون يعطي ظلمة، فالأحمر يختفي أوّلاً ثم البرتقاليّ ثمّ الأصفر، وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق، الذي يتلاشى على عمق 200 متر، وهذا تفسير قوله تعالى: } أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ { (النور:40)، أمّا قوله تعالى: } مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ { فقد ثبت علميّاً أن هناك فاصلاً بين الجزء العميق من البحر والجزء العلويّ منه، وأنّ هذا الفاصل مليء بالأمواج.
بداية وتطور علم الجيولوجيا عند المسلمين:
(( عرف العرب معلومات تنتمي إلى علم الجيولوجيا، وإن كانت قد جاءت متناثرة في كتب التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية في أثناء محاولاتهم لتفسير الظواهر الطبيعية بعيدا عن الخرافات؛ فوضعوا بذلك أصول البحث العلمي السليم القائم على التجربة والمشاهدة. مدخل إلى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية: حكمت عبد الكريم، إبراهيم ياسين
وتميزت جهود العلماء العرب والمسلمين الأوائل في شتى العلوم عامة وعلوم الأرض ( الجيولوجيا ) خاصةً باتساع الأفق والمعرفة، وبُنِيتْ وقامت على المنطق والدقة في سبيل الحصول على المعلومات.
وكان تناولهم لهذا العلم في باديء الأمر نظرياً ولغوياً بحتًا، وما لبث أن قام على التجربة لاستخراج الحقائق العلمية. ولعل أول أثر مسجل لعلوم الأرض لدى العرب هو ما تحتويه المعاجم وكتب اللغة التي تزخر بمفردات هذا العلم كالصِّحاح للجوهري، والقاموس للفيروزأبادي، والمخصَّص لابن سيده، وكتب الرحلات والبلدان والكتب التي درست الجواهر؛ ومنها صفة جزيرة العرب للهمداني (ت 334هـ، 945م). ثم نجد حدود هذا العلم واضحة المعالم لدى العلماء الذين تناولوه أمثال: الكندي، والرازي، والفارابي، والمسعودي، وإخوان الصّفا، والمقدسي،والبيروني، وابن سينا، والإدريسي، وياقوت الحموي، والقزويني. لقد قدم هؤلاء العلماء نظريات عديدة عن الزلازل، وأسباب حدوثها، وعن المعادن والصخور، وأفاضوا في تعريف الصخور الرسوبية والتحجر فيها، والتحولات البعدية له، وكتبوا عن النيازك، ووقفوا على طبيعتها وأصلها، وقسموها إلى نوعيْن: حجري وحديدي، ووصفوا هيئاتها ومن أهمها النيازك الجاورسية (الحُبَيْبيَّة). وتحدثوا عن ارتفاع درجة حرارة باطن الأرض، وقالوا بكروية الأرض، وبدورانها حول محورها. كما قاس العلماء المسلمون في عهد المأمون محيط الأرض وقطرها، وكان قياسهم قريبًا لما قرره العلم الحديث. وأضاف هؤلاء العلماء إضافات قيمة إلى نظرية نشوء الزلازل لأرسطوطاليس.كما كان لهم الفضل في الخروج بنظرية تَكوُّن الجبال الانكسارية والالتوائية وغيرها، وكذلك تأثير عوامل التعرية في الجبال والأنهار.

إنجازات المسلمين في علم الجيولوجيا
قدّم العلماء المسلمون دراسات قيمة عن الجيولوجيا الطبيعية والتاريخية. وقد برهنت هذه الدراسات على أن أكمل صورة من صور الماء في الطبيعة هي تلك التي وصفها العلماء المسلمون في مصنفاتهم، ونجد آراءهم في تكون الأنهار علمية محضة، ونجد ذلك بجلاء، في رسائل إخوان الصفا، وعند ابن سينا في النجاة، وفي عجائب المخلوقات للقزويني، كما أن علم البلورات عرف بدايته على يد البيروني في (الجماهر في معرفة الجواهر)، ونما على يد القزويني في العجائب، ولم يسبقهما أحد إلى ملاحظاتهما الدقيقة الواردة في كتابيهما هذين. وتناول العلماء المسلمون ما يمكن أن نطلق عليه علم زيت الأرض وهو فرع من فروع الجيولوجيا التطبيقية؛ فقد ميزوا بين نوعين من النفط واستعملوهما، وتحدثوا عن التنقيب، وقدموا نماذج للتنقيب غير المباشر. واهتم عدد غير قليل من العلماء المسلمين الأوائل بدراسة شكل الأرض، وتوزيع اليابسة والماء، ووصف تضاريس سطح الأرض، والعوامل الخارجية التي تتسبب في تشكيلها مثل: الأنهار والبحار والرياح، والعواصف البحرية. ولم يغب عن بالهم دراسة العوامل المؤثرة في قشرة الأرض من داخلها؛ كالبراكين والزلازل والخسوف الأرضية. كما تناولوا تبادل الأماكن بين اليابسة والماء، والمدة الزمنية التي يستغرقها هذا التبادل، كذلك تطور الأنهار من الشباب إلى الهرم ثم الموت.
ارتبطت الجيولوجيا عند المسلمين بعلوم أخرى كثيرة ساعدت في نموها، وكان هذا دأب العلماء آنذاك؛ فلم يكن هناك التخصص الدقيق، بل كانت هناك المعرفة الموسوعية الشاملة. فقد كانت الجيولوجيا على صلة وثيقة بالمتيورولوجيا (علم الأرصاد الجوية) والجغرافيا والملاحة وعلم البحار. فعلى سبيل المثال، نجد أن ابن سينا يتناول المعادن والمتيورولوجيا في رسالة المعادن والآثار العلوية في كتاب الشفاء. والنويري (ت 732هـ، 1332م) يتناول الجيولوجيا مع المتيورولوجيا في كتابه نهاية الأرب. بينما نجد أن للجغرافيا وتقويم البلدان علاقة حميمة بالجيولوجيا الطبيعية؛ فالمحيطات ومياه الأنهار والبحيرات والجُزُر كلها مما يتناول في الجغرافيا والجيولوجيا ولكن باختلاف. وخير دليل على ذلك مروج الذهب للمسعودي الذي يعالج قضايا جيولوجية جنبًا إلى جنب مع قضايا جغرافية.
دراسة الزلازل: اهتم العلماء المسلمون بدراسة الزلازل وتسجيل تواريخ حدوثها وأماكنها، وأنواعها، وما تخلّفه من دمار، ودرجات قوتها، وحركة الصخور الناتجة عنها، ومضارها ومنافعها. وحاول بعضهم التخفيف من أخطارها. وتناول ذلك كل من ابن سينا في الشفاء، وإخوان الصفا في الرسائل، والقزويني الذي تأثر بإخوان الصفا في عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، وكان لكل منهم رأيه الواضح في هذا الصدد.
المعادن والصخور: عرف العرب المعادن والأحجار الكريمة، وكانت كلمة المعدن في أول الأمر تعني لديهم المنجم. وأول من استخدم الكلمة لتدل على المعنيين هو القزويني في عجائب المخلوقات. وتناول العلماء المسلمون أيضًا تكوين الصخور الرسوبية، وتكوين أسطحها، ورواسب الأودية، وعلاقة البحر بالأرض والأرض بالبحر، وما ينشأ عن هذه العلاقة من تكوينات صخرية أو عوامل تعرية.
المعادن: تحدث العلماء المسلمون عن المعادن والأحجار، وعرفوا خواصها الطبيعية والكيميائية، وصنفوها ووصفوها وصفًا علمياً دقيقًا، كما عرفوا أماكن وجود كل منها. واهتموا بالتمييز بين جيّدها ورديئها. ولعل عطارد بن محمد الحاسب (ت 206هـ، 821م) كان أول من ألّف كتابًا في الأحجار باللغة العربية. وهذا الكتاب هو كتاب منافع الأحجار، وفيه ذكر أنواع الجواهر والأحجار الكريمة ودرس خواص كل منها. وقد ذكر الرازي هذا المؤلَّف في كتابه الحاوي. وهناك من العلماء من يعزو كتاب الأحجار لأرسطو إلى أصل سوري أو فارسي، وكتبت النسخة بالعربية منه في أخريات القرن الثاني الهجري، وعلى الرغم من قلة المادة العلمية فيه، إلا أنها تعكس آراء المسلمين عن المعادن في ذلك الوقت.
لعلَّ أقدم نص احتوى على أسماء الجواهر التي تعدن من الأرض، هو ما جاء في أمالي الإمام جعفر بن محمد المسماة التوحيد، نذكر منها الجص (أكسيد الكالسيوم)، والكلس (كربونات الكالسيوم) والمرتك (أكسيد الرصاص)، والذهب، والفضة، والياقوت، والزمرد، والقار، والكبريت، والنفط. ثم جاء جابر بن حيان تلميذ جعفر الصادق ليضيف بعض الجواهر والمعادن مثل الأسرب (نوع من الرصاص)، والمرقيشيا والياقوت الأحمر. وأضاف إخوان الصفا 31 جوهرًا جديدًا منها: الطاليقوني، والإسرنج، والزاجات، والشبوب، وبواسق الخبز والعقيق والجزع. ثم أضاف البيروني الزفت واليشم والخارصين. وبالجملة نجد أنهم عرفوا من المعادن حتى عصر البيروني نحوًا من 88 جوهرًا مختلفًا مما يستخرج من الأرض.
الصخور: كانت للعلماء المسلمين نظريات عديدة عن أصل الصخور، وكيفية تكونها، وخصوا بالذكر الصخور الرسوبية، وتعاقب الطبقات بعضها فوق بعض وتحدثوا عن النيازك واقترحوا لها تسميات فئوية.
" موقع الموسوعة العربية العالمية "
البحار والمد والجزر: تناول العلماء العرب والمسلمون جيولوجيا البحار والأنهار في مؤلفاتهم الجغرافية أكثر من غيرها. فقد أفردوا أبوابًا في مصنفاتهم الجغرافية تناولوا فيها أسماء البحار ومواقعها والبلدان التي تطل عليها، وتحدثوا عن أماكن من اليابسة كانت بحارًا وأنهارًا، وأماكن تغطيها البحار كانت معمورة بالسكان فيما مضى، كما خلفوا مؤلفات عديدة في علم الملاحة. وظاهرة المد والجزر كان يعتمد عليها ربابنة السفن في رحلاتهم البحرية والنهرية. ومن بين العلماء الذين كانت لهم آراء متفردة في هذا الشأن الكندي والمسعودي والبيروني والإدريسي والدمشقي وغيرهم.
البحار: لا يكاد يخلو كتاب من الكتب التي تناولت ذكر البلدان أو الأقاليم من ذكر البحار والأنهار؛ فالمسعودي في أخبار الزمان يتحدث بإسهاب عن تكون البحار وعللها، وآراء من سبقه فيها. كما أورد في مروج الذهب جملة من المناقشات الجيولوجية ضمَّنها الحديث عن البحار، والأنهار،والمد والجزْر، كما أورد فصلاً كاملاً عن البحار سمَّاه (ذكر الأخبار عن انتقال البحار). وقد سموا البحار بأسماء أقرب البلدان لها؛ من ذلك أن أبا جعفر الخوارزمي يقسم البحار في كتابه (صورة الأرض) وفق البلاد التي تجاورها أو تطل عليها؛ ومن أمثلة ذلك البحر المغربي، والبحر المصري، وبحر الشام، وبحر الهند، وبحر الصين. أما ابن رستة فيقسمها في الأعلاق النفيسة أيضًا إلى بحر الهند وفارس والصين (المحيط الهندي)، وبحر الروم وإفريقيا الشمالية (البحر الأبيض المتوسط)، وبحر طبرستان وجرجان (قزوين). ويذكر المقدسي أبعاد هذه البحار وأهم ما فيها من جزر، ومواضع الخطر فيها، كما يتناول ظاهرة المد والجزر ويحاول تفسيرها.
عرف العرب مدى اتساع المسطحات المائية وعظم حجمها إذا قورنت باليابسة، كما عرفوا أن التشكيلات التضاريسية المتنوعة تمنع الماء من أن يغمر وجه الأرض؛ فيقول ياقوت الحموي في هذا الصدد: ¸لولا هذا التضريس لأحاط بها (الأرض) الماء من جميع الجوانب وغمرها حتى لم يكن يظهر منها شيء. أما نسبة توزيع اليابسة إلى الماء فقد جاءت واضحة عند أبي الفداء في تقويم البلدان بأن النسبة التي تغطيها المياه من سطح الكرة الأرضية تبلغ 75% منها؛ فالقدر المكشوف من الأرض هو بالتقريب ربعها، أما ثلاثة أرباع الأرض الباقية فمغمور بالبحار.
تناول العلماء المسلمون خصائص مياه البحار، وعزوا السبب في ملوحة مياهها إلى كثرة البخر، وإذابة الأملاح من الأرض وهذا من شأنه ارتفاع درجة كثافة الماء. وعزوا الحكمة في كون ماء البحر ملحًا؛ حتى لا ينتن فتتعفن الكائنات التي تسكنه. فابن الوردي يقول في خريدة العجائب وفريدة الغرائب: "والحكمة في كون ماء البحر ملحًا أجاجًا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن (يتعفَّن) من تقادم الدهور والأزمان". واختلفوا في ملوحة البحر؛ فزعم قوم أنه لما طال مكثه، وألحّت الشمس عليه بالإحراق صار مُرّاً، واجتذب الهواء ما لطف من أجزائه فهو بقية ما صنعته الأرض من الرطوبة فغلظ لذلك. ويذهب الدمشقي إلى رأي قريب من رأي أبي الفداء في كتابه (نخبة الدهر في عجائب البر والبحر) … زعم قوم أن أصل الماء العذوبة واللطافة، وإنما لطول مكثه جذبت الأرض ما فيه من العذوبة لملوحتها، وجذبت الشمس ما فيه من اللطافة بحرارتها فاستحال إلى الغلظ والملوحة.
للعرب فضل كبير في استحداث أو تطوير بعض الآلات التي تعد من ضرورات أدوات الملاحة، من ذلك الإسطرلاب. انظر: الإسطرلاب. وهو أداة لرصد النجوم للاهتداء بها في عرض البحار ليلاً، وكذلك بيت الإبرة (البوصلة)، بالإضافة إلى الجداول الفلكية التي يُهتدَى بها في السير في البر والبحر، وقد وصفها إبراهيم الفزاري، وابن يونس المصري، والزرقاني، والبيروني وغيرهم.
المد والجزر: تناول العلماء العرب ظاهرة المد والجزر في البحار والأنهار، وأفضل مواسم الملاحة. وعللوا هذه الظاهرة وارتباطها بالقمر؛ فالبيروني يقول: إن خاصة الناس يعرفون هذه الظاهرة في اليوم بطلوع القمر وغروبه، وفي الشهر بزيادة نوره ونقصانه، وقد تناول القزويني ظاهرة المد والجزر وعزاها أيضًا إلى القمر؛ فإن القمر إذا صار في أفق من آفاق البحر أخذ ماؤه في المد قليلاً من القمر، ولايزال كذلك إلى أن يصير القمر في وسط سماء ذلك الموضع إذا صار هناك انتهى المد منتهاه، فإذا انحطّ القمر من وسط سمائه جزر الماء، ولايزال كذلك راجعًا إلى أن يبلغ القمر مغربه فعند ذلك ينتهي الجزر منتهاه. فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع، ابتدأ المدّ مرة ثانية إلا أنه أضعف من الأولى؛ فيكون في كل يوم وليلة بمقدار مسير القمر في ذلك البحر. مدّان وجزران.
التضاريس: تناول العلماء المسلمون والعرب الجيومورفولوجيا بشقيها النظري والعملي، وقد توصلوا في ذلك إلى حقائق تتفق مع العلم الحديث. من ذلك أثر العامل الزمني في العمليات الجيومورفولوجية، وأثر الدورتيْن الصخرية والفلكية في تبادل اليابسة والماء، وكذلك أثر كل من المياه والرياح والمناخ عامة في التعرية. ويعد البيروني أفضل من تناول هذا الجانب، ويتضح ذلك في تعليله لكيفية تكوُّن أحد السهول في الهند؛ فقد كان في مكان هذا السهل حوض بحري طمرته الترسبات حتى سوت منه سهلاً، كما لاحظ الترسبات النهرية، خاصة كلما قرب النهر من المصب فإن التكوينات تكون ذات حجم كبير عند المنبع عند أول النهر وتأخذ في الدقة والنعومة كلما قرب من المصب؛ فالحجارة عظيمة بالقرب من الجبال وشدة جريان مياه الأنهار، وأصغر عند التباعد وفتور الجري، ورمالاً عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر... (فما كانت) أرضهم إلا بحرًا في القديم قد انكبس بحمولات السيول.
وأوضح المسعودي أيضًا دورة التبادل بين اليابسة والماء بأن المواضع الرطبة من الأرض لا تكون رطبة دائمًا إلى الأبد، ولا تكون اليابسة يابسة دائمًا، إذ يتغير هذا الوضع بانغمار اليابسة بالماء من الأنهار والبحار، أو العكس بأن تنحسر المياه أو تنقطع الأنهار عن اليابسة؛ لذا فإنه ليس موضع البر أبدًا برًا، ولا موضع البحر أبدًا بحرًا؛ بل قد يكون براً حيث كان مرةً بحرًا، ويكون بحرًا حيث كان مرةً براً، وعلة ذلك الأنهار وبدؤها وجريها فإن لمواضع الأنهار شبابًا وهرمًا، وحياةً وموتًا ونشأة ونشورًا، كما يكون ذلك في الحيوان والنبات·
الأحافير: تناول بعض العلماء العرب علم الأحافير في معرض تناولهم لعمر الأرض، وخلال استدلالهم من تحول البحر إلى مناطق يابسة. فالبيروني يستشهد في كتابه (تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن) على أن جزيرة العرب كانت مغمورة بالمياه؛ فانحسرت عنها بتعاقب الحقب الجيولوجية، وأن من يحفر حياضًا أو آبارًا يجد بها أحجارًا إذا شقت خرج منها الصدف والودع. ¸فهذه بادية العرب كانت بحرًا فانكبس، حتى أنّ آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها؛ فإنها تبدي أطباقًا من تراب ورمال ورضراض، ثم فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع أن يُحمل على دفن قاصد إياها هناك، بل تخرج أحجارًا إذا كسرت كانت مشتملة على أصداف وودع وما يسمى آذان السمك؛ إما باقية فيها على حالها، وإما بالية قد تلاشت، وبقي مكانها خلاء فتشكَّل بشكلها. وهنا يشير البيروني إلى المستحجرات وهي بقايا عضوية كاملة أو طوابعها التي تكون داخل الحجارة، ويستدل بذلك على أن بعض المناطق كانت تغطيها المياه ثم أصبحت ضمن اليابسة.
كروية الأرض: هناك من الدلائل ما يشير إلى أن المسلمين قد عرفوا أن الأرض كروية منذ عهد المأمون (ت 218هـ،833م). فقد قام فريقان من علماء المسلمين بقياس محيط الأرض بأمر من المأمون، وتوصل الفريقان إلى أن طول المحيط 41248كم. ولعل أول من قال بكروية الأرض وكتب عنها صراحة هو الكندي. وقد أثبت ذلك بطريقة حسابية في رسالته العناصر والجرم الأقصى كرِّية الشكل. وكان ابن خرداذبه (ت 300هـ، 912م) ممن كتبوا في كروية الأرض في كتاب (المسالك والممالك)، واستعار لهيئة الأرض صورة المحة والبيضة، وكذلك الهمداني الذي قدم أدلَّة كروية الأرض في كتاب (صفة جزيرة العرب) وكتاب (الجوهرتين). ونجد إشارات أكثر وضوحًا لدى المسعودي في كتاب (مروج الذهب) و(كتاب التنبيه والإشراف).

علماء جيولوجيا مسلمون قالوا بكروية الأرض
(ت 375هـ، 985م)، في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم)، وقد مثل لكروية الأرض في الفلك بصورة المحة في جوف البيضة أيضًا كما فعل ابن خرداذبه من قبل، وقسَّم دائرة الكرة الأرضية إلى 360 درجة. ولإخوان الصفا في كروية الأرض رأي واضح مباشر: فالأرض جسم مدوَّر مثل الكرة، وهي واقفة في الهواء... ومركزها نقطة متوهمة في عمقها على نصف القطر، وبعدها من ظهر سطح الأرض ومن سطح البحر من جميع الجهات متساوٍ لأن الأرض بجميع البحار التي على ظهرها كرة واحدة. ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض أيضًا: ابن سينا، والبيروني، وياقوت الحموي، والقزويني وأخيرًا ابن خلدون.
(( وقد أسهم كتاب الشفاء لابن سينا في تقديم بعض الآراء والنظريات الجيولوجية، ولا سيما عن المعادن فقد تعرض إلى تكون الجبال، واهتم الجيولوجيون العرب بدراسة سطح الأرض، وتأثير أشعة الشمس والقمر والنجوم وعوامل التعرية المختلفة على شكله وتكوينه، وتحدث ابن سينا عن تكوين الصخور، وأسباب حدوث الزلازل؛ فقال عنها: " الزلزلة حركة تعرض لجزء من أجزاء الأرض، بسبب ما تحته، ولا محالة أن ذلك السبب يعرض أن يتحرك، ثم يحرك ما فوقه، وكذلك حاول إخوان الصفا شرح أسباب الزلازل.
وللبيروني آراء مهمة حول تكوين القشرة الأرضية، وما طرأ على اليابسة والماء من تطوورات خلال الأزمنة الجيولوجية المختلفة، من ذلك قوله:" ينتقل البحر إلى البر، والبر إلى البحر في أزمنة،......"، وقد وصف البيروني عددا من الأحجار الكريمة، من بينها الياقوت والماس والمرجان واللؤلؤ وغيره.
وهكذا وضع ابن سينا والبيروني وغيرهما من العلماء المسلمين قواعد فروع علم الجيولوجيا بمفهومها العلمي السليم. )) مدخل إلى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية: حكمت عبد الكريم، إبراهيم ياسين
(( وقد تفوق العرب في معرفة استباط الماء من باطن الأرض بواسطة بعض الأمارات الدالة على وجوده، فيُعرف بُعده وقُربه بشم التراب، أو برائحة النباتات فيه، أو بحركة حيوان مخصوص، وسمي هذا عندهم " بعلم الريافة "، وهو من فروع الفراسة من جهة التعرف على مكامن الماء في باطن الأرض، ومن فروع الهندسة من جهة الحفر وإخراجه إلى وجه الأرض. ويقال لمن يقوم بالحفر واستخراج الماء " القنّاء".
وتطورت هذه المعرفة الفطرية عند العرب، إبان عصر النهضة العلمية الإسلامية، وأصبحت تقنية مدونة بأساسيها النظري والتطبيقي، وما يتطلبه ذلك من اختراع موازين وأجهزة لقياس ارتفاعات الأرض وتحديد مناسيب المياه وعرض لها كثير من العماء في مؤلفاتهم، لكن كتاب"إنباط المياه الخفية " الذي صنفه أبو بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرجي بين سنتي 406، 420 ه، يعكس الحالة المتقدمة التي وصلت إليها هذه التقنية، على أيدي المسلمين في مجال استخرج المياه الجوفية والإفادة منه. تضمن كتاب الكرجي تسعة وعشرين بابا بحثت مختلف المسائل المتعلقة بالمياه الجوفية وهندسته، وعرضت بالتفصيل الدقيق للإجراءات الهندسية والإنشائية قبل تنفيذ النظام المائي المعروف آنذاك باسم " القناة ".... )) التراث العلمي الإسلامي / أحمد فؤاد باشا


رواد الجيولوجيا المسلمون وأهم مؤلفاتهم
لم يكن لعلم الجيولوجيا متخصصون قصروا أبحاثهم عليه كما كان عليه الحال في العلوم الطبيعية الأخرى، لكن جاءت هذه الأبحاث في ثنايا مصنفات جغرافية وفلكية وعمرانية وغيرها.
إسهام الكندي: كان فيلسوف العرب الكندي أول من بحث في موضوعات متفرقة من علم الجيولوجيا، فله رسائل في علة الرعد والبرق والثلج والبرد والصواعق والمطر، ورسالة في سبب وجود اللون اللازوردي في الجو، وله إسهامات في علم المتيورولوجيا لا يختلف كثير منها عما توصل إليه المحدثون. ومن رسائله ذات الصلة بهذا العلم رسالة (في البحار والمد والجزر)، وعلى الرغم من ورود بعض الأخطاء فيها، فإنها كانت أولى المحاولات للاعتماد على الملاحظة الشخصية، والتجربة العلمية المنظمة. وللكندي رسالة حول كرية (كروية) سطح الماء (البحر)؛ فسطح البحر عنده محدّب كسطح الأرض اليابسة، وهذا قول يتفق وحقائق العلم الحديث. كما أن للكندي آراء ثاقبة في علم المعادن قال عنها البيروني:"ولم يقع لي في فن المستعدنات غير كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي في الجواهر والأشباه". استفاد من أعمال الكندي في حقل الجيولوجيا إلى جانب البيروني علماء آخرون منهم ابن الأكفاني والتيفاشي وابن سينا والقزويني وغيرهم.
إسهام المسعودي: كان أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت 346هـ، 957م)، وينسب إلى عبدالله بن مسعود الصحابي، ملماً بكثير من العلوم والثقافات، لكنه عُرِف جغرافياً أكثر ما عُرِف. أطلق عليه علماء العرب اسم بلينوس الشرق، يعد كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" من أفضل المصنفات العربية الجغرافية التي تناول فيها الكثير من فروع علم الجيولوجيا في ثنايا المعلومات الجغرافية. فقد تناول فيه استدارة الأرض وإحاطتها بغلاف جوي، وطبيعة العواصف التي تهب على الخليج العربي والمناطق المحيطة به. ووصف الأرض والبحار ومبادئ الأنهار والجبال ومساحة الأرض، ووصف الزلازل التي حدثت سنة 334هـ، 945م. وتحدث عن كروية البحار، وأورد الشواهد على ذلك. ودرس ظاهرة المد والجزر وعلاقة القمر بذلك. وتحدث عن دورة الماء في الطبيعة، وتراكم الأملاح في البحر، ووصف البراكين الكبريتية في قمم بعض الجبال. كما أورد العلامات التي يستدل بها على وجود الماء في باطن الأرض.
إسهام البيروني: تناول البيروني في علم الجيولوجيا علم المساحة والتضاريس، وطبقات الأرض، والمعادن، والجيولوجيا التاريخية وغيرها. كما قام بقياس محيط الأرض، وكتب عن مساحة الأرض ونسبتها للقمر. وهو أول من قال بأن الشمس مركز الكون الأرضي فخالف بذلك كل الآراء التي كانت سائدة آنذاك والتي اتفقت على أن الأرض هي مركز الكون، وقد أجرى تجربته التي حسب منها محيط الأرض من قمة جبل مشرف على صحراء مستوية؛ إذ قاس زاوية انخفاض ملتقى السماء والأرض عن مستوى الأفق المار بقمة الجبل، ثم قاس ارتفاع الجبل وتحصل على حساب نصف قطر الأرض باستخدام المعادلة المعروفة باسمه اليوم وهي:
س = (ف جتا ن) / (1- جتا ن)
وشرح البيروني كيفية عمل عيون الماء في الطبيعة وكذلك الآبار الرتوازية في ضوء قاعدة الأواني المستطرقة. وبيّن أن تجمع مياه الآبار يكون بوساطة الرشح من الجوانب حيث يكون مصدرها من المياه القريبة منها. وللبيروني آراء حول تكوين القشرة الأرضية وما طرأ على اليابسة والماء من دورات تبادلية خلال عصور جيولوجية استغرقت دهورًا. ويدلل على ذلك بقوله في كتابه (تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن):"ينتقل البر إلى البحر، والبحر إلى البر في أزمنة، إن كانت قبل كون الناس في العالم فغير معلومة، وإن كانت بعده فغير محفوظة؛ لأن الأخبار تنقطع إذا طال عليها الأمد وخاصة الأشياء الكائنة جزءًا بعد جزء بحيث لا تفطن لها إلا الخواص". وتناول في كتابه (الجماهر في معرفة الجواهر) وصف الجواهر والبلورات والأحجار والمعادن. وتحدث عن كيفية استخراج وتعدين بعض هذه الفلزات وغيرها كالذهب والفضة والنحاس.
وممن اشتهر بعلم الجيولوجيا أيضا وألّف فيه:
عطارد بن محمد الحاسب 206هـ، 821م ومن كتبه: منافع الأحجار
الجاحظ 255هـ، 869م ومن كتبه: التربيع والتدوير
إخوان الصفا القرن 4هـ، الرسالة الثانية من رسائل
إخوان الصفا (الجسميات الطبيعيات)
الإصطخري نحو 300هـ، 912م ومن كتبه: مسالك الممالك
أبو بكر الرازي 321هـ،932م وله: رسالة في البحث عن الأرض أهي حجرية
في الأصل أم طينية؟
الهمداني، ابن الحائك 334هـ، 946م ومن كتبه: إحصاء العلوم
ابن حوقل بعد سنة 367هـ،977م ومن كتبه: صورة الأرض (أطلس الإسلام
السيرافي 368هـ،979م ومن كتبه: سلسلة التواريخ
ابن خالويه، أبو عبد الله 370هـ،981م ومن كتبه: كتاب الرِّيح
وغيرهم كثير............. " طالع موقع الموسوعة العربية العالمية "

من علوم الجيولوجيا علم الأحجار والمعادن
وقد عرف المسلمون أنواع المعادن وضروب الأحجار الكريمة والجواهر، حتى قال في كتاب (مدينة العلوم): "المعادن سبعمائه معدن".
وقد عرّف علم المعادن بأنه: علم يتعرف منه أحوال الفلزّات من طبائعها وألوانها وكيفية تولدها في المعادن، وكيفية استخراجها واستخلاصها عن الأجزاءِ الأرضية، وتفاوتُ طبائعها وأوزانها.
ومن الكتب التي سطرها المسلمون في ذلك: كتاب (الجواهر والأشباه). ورسالة في (أنواع الجواهر الثمينة) وغيرها ورسالة في (أنواع الحجارة) وكلها للفيلسوف الكندي. وكتاب (الجواهر والخواص، وعلل المعادن) وهما لمحمد بن زكريا الرازي. و(الجماهر في معرفة الجواهر) لأبي الريحان البيروني، وقد أهدى البيروني كتابه هذا إلى السلطان الغزنوي (مورود)، وكتاب (منافع الأحجار) لعطارد بن محمد و(عرايس الجواهر وأطايب النفائس) لعبد الله بن علي الكاشاني و(رسائل مختلفة) لجابر بن حيان، و(ازدهار الأفكار في جواهر الأحجار) للتيفاشي.

رأي الغربيين في إسهامات المسلمين في علم الجيولوجيا
يقول "ليبرى": لو لم يظهر العرب على مسرح التاريخ لتأخرت نهضة أوربا الثقافية عدة قرون.
ويقول " ل. سيديو ": عبَّر التأثير الذي بثه العرب في أوربا عن نفسه، وبدت مظاهره في جميع فروع الحضارة الحديثة، ولقد تكونت في الفترة من القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر، مجموعة من أكبر المعارف الثقافية في التاريخ، وظهرت مصنوعات ومنتوجات متنوعة، واختراعات ثمينة، تشهد كلها بالنشاط الذهني المدهش في هذا العصر وجميع ذلك تأثرت به أوربا بحيث يؤكد القول بأن العرب كانوا أساتذتها في جميع فروع المعرفة.

علماء مسلمون معاصرون في الجيولوجيا
الأستاذ الدكتور/ زغلول النجار
يُعدّ الدكتور زغلول النجار من أكبر علماء الجيولوجيا في العالم، وهو (زميل الأكاديمية الإسلامية للعلوم وعضو مجلس إدارتها)·حصل على بكالوريوس العلوم بمرتبة الشرف من جامعة القاهرة سنة 1955م، وكان أول دفعته؛ فمنحته الجامعة جائزة { مصطفى بركة } لعلوم الأرض، وكان أول من حصل عليها·حصل على درجة الدكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز في بريطانيا سنة 1963م، ومنحته الجامعة درجة زمالتها فيما بعد الدكتوراه·حصل على منحة روبرتسون للأبحاث فيما بعد الدكتوراه·عمل في شركة صحارى للبترول، وفي المركز القومي للبحوث بالقاهرة، وبمناجم الفوسفات في وادي النيل، ومناجم الذهب في البرامية، وبمشروع الفحم في شبه جزيرة سيناء وبكل من جامعات عين شمس ـ والملك سعود، وويلز، والكويت، وقطر، والملك فهد للبترول والمعادن، كما عمل أستاذًا زائرًا في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس·حصل على درجة الأستاذية سنة 1972م·له أكثر من 150 بحثًا منشورًا و10 كتب·أشرف على أكثر من 35 رسالة ماجستير ودكتوراه·عضو في الكثير من الجمعيات العلمية المحلية والدولية·عضو هيئة تحرير عدد من الدوريات العلمية الصادرة عن الولايات المتحدة وفرنسا والهند والعالم العربي· عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وعضو في مجلس إدارتها·عضو اللجنة الاستشارية العليا لهيئة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة·اشترك في كثير من المؤتمرات العلمية العالمية والإسلامية والعربية·عضو مجلس أمناء جامعة الأحقاف في اليمن·عضو مؤسِّس بكل من بنك دبي الإسلامي، وبنك فيصل الإسلامي المصري، وبيت التمويل الكويتي، وبنك التقوى، ومؤسسة التقوى للإدارة في سويسرا، وعضو مجلس إدارتها·عضو مجلس أمناء هيئة الإعلام الإسلامية في بريطانيا·عضو لجنة تحكيم جائزة اليابان في العلوم·عضو مجلس أمناء معهد ماركفيلد للدراسات الإسلامية، ماركفيلد ـ ليستر ـ إنجلترا·عضو مجلس أمناء المؤسسة الإسلامية العالمية للإعلام ـ لندن ـ إنجلتر.)) مجلة الوعي الإسلامي.
المصادر:
المرجع الرئيس في هذا البحث هو: " موقع الموسوعة العربية العالمية "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق