4‏/6‏/2009

مليون ونصف مليون طن ذهبا بالصحراء الشرقية

مليون ونصف مليون طن ذهبا بالصحراء الشرقية
قانون التعدين يعرقل الاستثمار في الكنوز المصرية
تشتت مسئولية المناجم والمحاجر بين‏8‏ جهات


جهود التعدين ضائعة بين جهات عديدة
في مصر كنوز من الذهب يبلغ عددها علي الأقل مائة منجم في الصحراء الشرقية تحتوي علي ما يقرب من مليون و‏400‏ ألف طن ذهبا‏,‏ إضافة لستة مواقع أخري تنتشر بطول مصر وعرضها‏,‏ غير أن تشتت الثروة المعدنية بين عدة جهات وقانون المناجم يقفان حجر عثرة في انتشال هذه الكنوز التي يمكن أن تنقل مصر من حال إلي حال‏.‏
الدكتور جابر نعيم رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السابق يرصد أنه في بداية القرن الماضي أعيد اكتشاف معظم المناجم القديمة وتشغيلها ثم توقفت مرة أخري في عام‏1918‏ وخلال الفترة من عام‏1932‏ وحتي عام‏1958‏ ظهرت مرحلة جديدة من إنتاج الذهب حيث تم التركيز علي استغلال أهم المواقع وهي مناجم السكري‏,‏ وأم عود وحنجلية وأم الروس والبرامية والسد حيث تم خلال هذه الفترة استخلاص كمية من الذهب قدرت بنحو‏7‏ أطنان وعقب هذه الفترة توقف استغلال الذهب بسبب ارتفاع تكلفة الاستخراج ورخص الذهب حيث كان يقتصر الاستغلال علي عروق المرو الحاملة للذهب‏,‏ وابتداء من الستينيات ومع استمرار ارتفاع أسعار الذهب أعيد التفكير مرة أخري في أهمية استغلالها حيث ازداد اهتمام هيئة المساحة الجيولوجية بالذهب والبحث عنه وذلك من خلال برامج مكثفة طويلة الأجل تهدف إلي دراسة مواقع الذهب القديمة بأساليب ومفاهيم علمية حديثة وتحديد اقتصاداتها في ضوء ما طرأ من تغيرات علي وضع الذهب وأسعاره وتقسيم النفايات المتخلفة عن التشغيل القديم واستخدام التكنولوجيا الحديثة في استخلاص الذهب واستكمال الدراسات عن الرواسب الحاملة للذهب وإعداد المعلومات اللازمة لاجتذاب المستثمرين‏.‏

ويضيف الدكتور جابر نعيم أنه من خلال هذا البرنامج تم تحقيق نتائج باهرة حيث تم اكتشاف الذهب في عدة مواقع وهي‏:‏
‏*‏ منطقة عتود التي تقع علي بعد‏55‏ كيلو مترا جنوب غرب مرسي علم ويبلغ الاحتياطي المؤكد والمحتمل نحو‏33100‏ طن خام ومتوسط نسبة الذهب به من‏00,7‏ إلي‏17‏ جم‏/‏طن تحتوي علي‏425‏ كيلو جراما من الذهب‏.‏
‏*‏ منطقة البرامية وتقع علي بعد نحو‏105‏ كيلو مترات شرق مدينة إدفو ويخترقها طريق إدفو ـ مرسي علم حيث قدرت الدراسة إجمالي الخام بنحو‏16.5‏ مليون طن نسبة الذهب من‏1‏ إلي‏3‏ جرامات‏/‏طن وتحتوي علي‏2100‏ طن ذهبا‏.‏

‏*‏ ثم منطقة هنجلية وتقع جنوب عزب مدينة مرسي علم بنحو‏80‏ كليو مترات‏,‏ وبلغ اجمالي الاحتياطي فيها نحو‏478500‏ طن خام وتتراوح نسبة الذهب فيه من‏1,0‏ إلي‏7,5‏ جرام‏/‏ طن وتحتوي علي‏15‏ طنا ذهبا‏.‏
‏*‏ ومنطقة أم عود وتقع علي بعد‏55‏ كيلو مترا جنوب غرب مرسي علم وإلي الغرب من منطقة الصباحية بنحو‏6‏ كيلو مترات ويقدر الاحتياطي بنحو‏15600‏ طن خام ومتوسط نسبة الذهب نحو‏22,7‏ جرام ذهبا‏/‏طن ويبلغ محتوي الذهب نحو‏354‏ كيلو جراما‏.‏

‏*‏ ومنطقة أبو مروات وتقع جنوب غرب مدينة سفاجا بالقرب من سفح جبل أبو مروات وإجمالي احتياطي الخام فيها نحو‏290‏ ألف طن‏/‏ خام ونسبة الذهب من‏3,8‏ إلي‏7,7‏ جرام‏/‏طن وإجمالي محتوي الذهب نحو‏1210‏ كيلو جرامات من الذهب بالإضافة إلي احتواء الخام علي مصادر الفضة والنحاس والزنك‏.‏
‏*‏ ومنطقة السكري وتقع في الجنوب الغربي من مدينة مرسي علم نحو‏30‏ كيلو مترا ويقدر الاحتياطي طبقا للدراسات الأولية بنحو‏1.2‏ مليون طن خام نسبة الذهب به‏2.02‏ جرام‏/‏طن تحتوي علي‏2447‏ كيلو جراما من الذهب حيث تقع هذه المنطقة ضمن مناطق الاستثمار ومناطق الامتياز للشركة الفرعونية للذهب من خلال اتفاقية صدر بها قانون رقم‏222‏ لسنة‏1994‏ حققت الشركة بها اكتشافا تجاريا يقدر بنحو‏16‏ مليون إوقية ذهب مؤكد ومحتمل‏.‏
ويشير الدكتور جابر نعيم إلي أن هذا يعطي مؤشرا علي أن ما تم تحقيقه في المناجم السابقة هو عبارة عن مؤشرات جاذبة فقط لتكثيف أبحاث تقسيم هذه المناطق للوصول إلي الاحتياطيات الحقيقية والامر يتطلب إنفاقا ماليا كبيرا اسوة بما تم صرفه من الشركة الفرعونية الذي يقدر بنحو‏24‏ مليون دولار لتحقيق هذا الحتياطي الكبير كما يتطلب جهدا كبيرا لتسويق هذه المواقع وتنقية الاستثماري في قطاع التعدين وهو القطاع الواعد للتنمية في مصر

‏*‏ القانون يعوق الاستثمار
إن أهم المعوقات في هذا القطاع أن قانون المناجم والمحاجر قديم ولا يصلح حاليا كقانون جاذب للاستثمار سواء محليا أو عالميا حيث افرغ القانون من محتواه بعد فترة تطبيقه إلي جهات عديدة وقرارات مختلفة حيث إنه خلال الفترة من أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات صدرت قرارات وقوانين عديدة بإنشاء جهات أوكل إليها العمل في مجال البحث عن الخامات واستغلالها مثل هيئة المواد النووية وهيئة تنمية بحيرة ناصر وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وصدور القانون الخاص بالحكم‏,‏ متضمنا النص علي مباشرة المحليات لاختصاصات وزارة الصناعة في شئون المحاجر وأخيرا جهاز الخدمة الوطنية وجهاز البيئة والقوات المسلحة‏.‏
ويؤكد الدكتور جابر نعيم أنه للحفاظ علي هذه الثروة المعدنية خاصة الذهب وهي الامل في مستقبل الاقتصاد المصري تجب ضرورة إصدار قانون جديد للمناجم والمحاجر واضح المعالم يمكن تطبيقه للمستثمر المحلي والاجنبي وذلك مثل البلدان المتقدمة في صناعة التعدين والاسترشاد بقوانين البلاد الناجحة في تنمية ثرواتها المعدنية مثل كندا واستراليا وأمريكا والمغرب وتنزانيا وأن يكون قانون الاستثمار الذي يطبق علي جميع الصناعات مطبقا علي صناعة التعدين بالإضافة إلي أن تكون هيئة المساحة الجيولوجية هي الجهة الوحيدة لتطبيق قانون المحاجر والمناجم خصوصا من الناحية الفنية‏.‏

خريطة التعدين الغائبة‏.‏
ويشير الدكتور حسن فهمي امام استاذ هندسة التعدين بكلية الهندسة جامعة الأزهر إلي أن استغلال الذهب يتوقف علي نسبة وجوده في الصخور الحاملة وكذلك التقنية المتاحة للاستخراج لذلك ظلت نفايات قدماء المصريين في مواقع استخراج الذهب هي المصدر الأساسي للذهب في ظل تطور التقنيات وأساليب الاستخراج والاستخلاص في الخمسينات من هذا القرن ولذا حان الوقت لأن نولي ثروتنا التعدينية العناية الحتمية وذلك بإزالة أهم المعوقات التي تعوق عمليات استخراج واستخلاص الذهب والاستثمار فيه وتتمثل أهم المعوقات في غياب استراتيجية قومية واضحة ومحددة لكيفية استغلال الثروات التعدينية من خامات المناجم ومواد المحاجر ومن بينها خام الذهب‏,‏ وقصور المنظور التخطيطي الاقتصادي وبرز هذا القصور كما يلمسه العاملون في مجال التعدين في عدم وضوح أهمية مواقع مناطق التعدين في خطط التنمية الاقتصادية والبشرية وكذلك امكانية مساهمتها في إعادة رسم الخريطة الديموجرافية لمصر‏.‏
وتشتيت أعمال التعدين علي هيئات عدة منها المحليات‏,‏ والخدمة الوطنية وقطاع الاعمال وقصور البنية الاساسية بمناطق التعدين من طرق ومطارات ومصادر طاقة ومصادر مياه وعدم تنمية الكوادر المدربة الفنية وحتمية تطوير التشريعات والقوانين الخاصة بالتعدين التي تنظم أعمال الاستكشاف والاستخراج حيث إن قطاع التعدين يحتاج إلي تطوير شامل وسياسة تعدينية تلائم متطلبات العصر وليس إلي تسييس التعدين‏.‏

ويؤكد الدكتور عاطف دردير رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الاسبق وعضو المجالس القومية المتخصصة أن مصر تمتلك احتياطيات ضخمة من خامات الذهب وذلك في مناجم كثيرة خاصة في الصحراء الشرقية التي يوجد بها أكثر من‏100‏ منجم وتحتوي علي أكثر من‏1.4‏ مليون طن ذهبا ويشير إلي أنه لوضع مصر علي الخريطة العالمية في استخلاص وإنتاج الذهب لابد من إزالة كل المعوقات التي تعوق الاستثمار في مجال إنتاج الذهب وأهمها ضرورة الاسراع في إصدار قانون للمناجم والمحاجر يتماشي مع روح العصر ومناخ الاستثمار السائد في مصر في الوقت الحالي‏,‏ وأن يكون لهذا القانون صفة السلطة التنفيذية والمرونة المطلوبة في هذا النوع من الاستثمار خاصة في مجال استخلاص وإنتاج الذهب وضرورة تهيئة المناخ للاستثمار في التعدين عن طريق توسيع طاقات المواني التي تصدر منها المواد التعدينية مثل ميناء العريش الذي لا يحتمل غاطسه أكثر من سفن لا تزيد سعتها علي‏7‏ آلاف طن مما يعوق عملية التصدير‏,‏ ووضع حد لتدخل السلطات المحلية في النشاط التعديني أيا كان مسماه مناجم أو محاجر أو ملاحات درءا للخسائر القومية التي يسببها هذا التداخل من غير المختصين‏,‏ وتشجيع نمط الاتفاقيات التعدينية علي غرار اتفاقيات البترول وذلك للطبيعة الخاصة لهذا النشاط وعدم اللجوء إلي تطبيق قوانين يري البعض أنها مدخل للاستثمار في هذا المجال‏.‏

المصدر جريدة الاهرام
42416 ‏السنة 126-العدد 2003 يناير 23 ‏20 من ذى القعدة 1423 هـ الخميس
تحقيق ـ محمود دياب‏:‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق